علماء المسلمين في العلوم الدنيوية هل هم زنادقة؟
صفحة 1 من اصل 1
علماء المسلمين في العلوم الدنيوية هل هم زنادقة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قد تسمعون او تقرؤون هنا او هناك -خصوصا من مصادر نصرانية او ليبرالية او حتى ممن يتصدى للإصلاح من المسلمين- بخصوص العلماء المسلمين الذين برعوا في العلوم الدنيوية فقد تجدون من يقول ان هؤلاء كانوا يُعدون في معتقد المسلمين في ذلك الزمن زنادقة ملاحدة كما صرح بذلك بعض المصنفين في علوم الرجال كالذهبي وابن حجر عن بعضهم فكيف تفخرون بهم اليوم؟
والجواب عليه ان هذا الكلام فيه حق وباطل
فالحق ان منهم فعلا زنادقة ملاحدة ما ينبغي لمسلم ان يفخر بهم على انهم من امتنا ليس لكونهم اشتغلوا بعلوم دنيوية بل لمعتقدات كفرية اعتنقوها اخرجتهم من الملة وخصوصا من اشتغل بالفلسفة التي هي منبع الإلحاد قديما وحديثا فقد يوصف طبيب بالزندقة ليس لإشتغاله بالطب بل لما اعتنقه من فكر فلسفي الحادي مثل القول بقِدم العالم الذي يلزم منه ان الكون لم يخلقه خالق وهو اصل معتقد الملحدين ولا يزال علماء المسلمين الى اليوم ينكرون على الفلاسفة وما اخترعوه من معتقدات ما انزل الله بها من سلطان كالماركسية والليبرالية والوجودية والمادية وذلك السخيف الذي زعم نهاية التاريخ و امثالهم من المتفلسفين بما يوحي اليهم الشيطان، وما فعلوه بالبشرية من الخراب ظاهر آثاره لكل من يعقل دليل واضح على وجوب مناهضة اصحاب هذه الفلسفات الشيطانية حتى نحد من آثارها على المسلمين بل على البشرية جميعا وننشر المعتقد الرباني الصحيح، و هذا صراع الحق و الباطل الى يوم القيامة، فلسنا ابدا ممن يستحيي المجاهرة بعداء حزب الشيطان من هؤلاء الفلاسفة وفضح اهدافهم الشيطانية بل هو من انكار المنكر الذي هو من صميم الإسلام، ومنكرات هذه الفلسفات الكفرية اشد من الكبائر كالسرقة والزنا، وكفى بملايين البشر الذين يُقتلون ويعذبون وتنهب اموالهم تحت شعاراتها الخادعة دليلا على منبعها الشيطاني و لكن اكثر الناس لا يعلمون.
ومن المسلمين من كان يعمل في الكيمياء التي كانت في ذلك الزمن لا هم لأصحابها الا صناعة شبيه الذهب (الحلي الرخيصة) وشبيه الفضة (مثل الفافون اللامع) و بيعها للناس على انها ذهب و فضة، ولا شك ان هذا من الغش الكبير الذي يجب ردعهم عنه، ولا فرق بينه وبين تزوير العملة في زماننا، فلو زعم مزورو العملة اليوم ان عملهم يستند الى علم عظيم وان مناهضيهم اعداء التقدم لما قبل العقلاء منهم ذلك فمن يقبل استخدام العلم في الشر فما لنا نقبله من الكيميائيين الأوائل ويراد منا مدحهم على افعالهم، ولو انهم صنعوا شيئا مفيدا للناس لما قيل عنهم ذلك . اضافة لإختلاط الكيمياء بالسيمياء عادة في ذلك الزمن، والسيمياء هي الكيمياء التي يستعملها السحرة لتحضير مواد تساعدهم على خداع الناس او استحضار الشياطين (الدجل).
فلا اعتراض على الإشتغال بالطب او الكيمياء بل الإعتراض على اعتناق عقيدة مستوردة من فلاسفة كفرة او غش الناس بمصنوعات مزيفة و هذا ما كان يعيبه عليهم علماء المسلمين قديما ولا يزالون كذلك حديثا. ومن اشهر من فعل ذلك ابن تيمية اذ بوّب بابا كاملا في فتاواه لفضح تزييف الكيميائيين للذهب والفضة فكان مما قاله عن الذهب المزيف: [ لَكِنْ هِيَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الدِّينِ مِنْ الْغِشِّ الْبَاطِلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَا يَحِلُّ عَمَلُهُ وَلَا اتِّخَاذُهُ مَالًا] ومن ابرز الأدلة على ان ابن تيمية لم يكن يحرم الكيمياء بصفته علما انه كان يجيز صنع الزجاج من الرمل فكان يقول: [ وَمِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْكِيمَاوِيَّةِ اسْتِدْلَالُهُمْ بِالزُّجَاجِ قَالُوا : فَإِنَّ الزُّجَاجَ مَعْمُولٌ مِنْ الرَّمْلِ وَالْحَصَى وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَاسُوا عَلَى ذَلِكَ مَا يَعْمَلُونَهُ مِنْ الْكِيمْيَاءِ وَهَذِهِ حُجَّةٌ فَاسِدَةٌ ...الخ] اذن كان ينكر عليهم تزييف الذهب والفضة وليس تحويل الرمل الى زجاج ينتفع به الناس و امثالها من المواد التي يصنعها الكيمياويون. واظن صلاح الدين الأيوبي استعان بكيمياوي صنع له موادا حارقة لأبراج العدو فهل انكر عليه علماء المسلمين ذلك ؟
فهذه الحقيقة، فلا يغرنكم ما يقولوه المنصّرون الصليبيون في قنواتهم ومواقعهم الأليكترونية فو الله ما عندهم غير الحيلة لنشر معتقدهم الباطل و هذا ديدنهم مذ اوجدوا هذا الدين المزور على المسيح عليه السلام فلا سبيل لهم لدحض الحق الا بالحيل لضعف دينهم وتحريفه وكثرة الخرافات فيه مما يصعب على عاقل ان يقبله في زماننا فلا يجدون غير هذه الأساليب الخسيسة التي تدل على حقيقة ما تكن صدورهم من الحقد الأعمى لما يرونه من انتشار الإسلام في اوربا بخلاف ما يظهرونه من دعوى الحب والسلام، وصدق الله اذ قال عنهم: [ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ] فأين العقلاء؟
اضافة الى ان العلم الذي ذكر في كتاب الله وسنة رسوله هو العلم الموصل للنجاة في الآخرة ولنشر العدل و اصلاح النفوس في الدنيا اما العلوم الدنيوية فقد تركها الإسلام لإجتهادات البشر فانتم اعلم بأمور دنياكم الا انه حض عليها من طرف خفي كقوله تعالى :[ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ] وهذا لا يكون الا بعلوم الدنيا فلا تصنع الأسلحة الا بعلم دنيوي وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم على التداوي و أنه ليس ضد القدر و هذا لا يكون الا بعلم الصيدلة والطب و بنى المسلمون مدنا كاملة و هذا لا يكون الا بمهندسين حسب مصطلحات العصر الحالي وقد اصل العلماء لقاعدة "ما لا يكون الواجب الا به فهو واجب" وبعض مصالح المسلمين لا تتحقق الا بهذه العلوم و هكذا . ولا تجد احدا من المسلمين زعم ان الطب والهندسة والفيزياء كفر او زندقة. وحتى علوم الفلك ان كان المقصود منها معرفة مطلع الهلال او الإستدلال على الطريق بالنجوم او سبر اسرار الكون للإزدياد من العلم وغير ذلك مما فيه النفع فلا اعتراض عليه انما الإعتراض على من اشتغل بالتنجيم مثل هؤلاء الذين يقرؤون الطالع عن طريق الأبراج مثلا ويزعمون ان هذا من علم الفلك فهذا من الدجل الذي يجب الإنكار عليه.
ولابد من الإشارة ايضا الى ان بعض من اشتغل بالعلوم الدنيوية من المسلمين قديما قد يكون فعل ذلك بنية حسنة لكن الناس –وربما بعض علماء ذلك الزمن ايضا- نظروا اليه بريبة لأن جلّ من اشتغل بمثل هذا في ذلك الزمن كان من فاسدي المعتقد، فإذا اشتغل به بعض المسلمين قد يساء بهم الظن ويُظلمون، فلربما اشتغل بعضهم بعلم الفلك يبتغي معرفة مطالع الشهور او اكتشاف جديد في حركة النجوم فيساء به الظن ويقال عنه منجم زنديق اذ ان غالب من يشتغل بالفلك في ذلك الزمن كانوا كذلك حقا، اضف لذلك ان لكل ناجح اعداء لا همّ لهم الا الإفتراء عليه حسدا من عند انفسهم فقد يكونوا هم من لفق لبعض هؤلاء العلماء بعض الدسائس فهذا ايضا امر لابد من النظر فيه بعين الإنصاف و التماس العذر لمن طَعن فيهم حبا لدينه جهلا بحقيقة افعالهم
ومما زاد الطين بلّة ان القوميين الدنيويين العرب لا وزن للدين في قلوبهم فتراهم يروّجون لبعض الزنادقة على انهم اعلام العرب و لكتبهم على انها خير ما كتب العرب اذا وجدوا الغرب معجبين بنتاجهم الفكري، وهل يُعرف الحق بإعجاب الغرب به وقد فسدت عقيدتهم ؟! و هل اعجبهم القرآن ليعجبهم كتب علماء المسلمين؟ ومثال ذلك افتخارهم بكتاب الفسق و الفجور المسمى "الف ليلة وليلة" الذي وضعه احد الزنادقة المناوئين للإسلام من اصول مجوسية لما يرون من اعجاب النصارى والملحدين والفجار الغرب به وكأن اعجابهم ميزان للحق والعياذ بالله، و قس على ذلك كتب الفلسفة العربية يفخرون بها ولو كان بها من الكفر ما كان
ويستشهد هؤلاء الطاعنون في دين رب العالمين بقول الإمام الشافعي:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ... إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال : حدثنا ... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
فزعموا ان هذا دليل على بغض المسلمين للعلوم الدنيوية وحصرها في القرآن والسنة. والرد عليهم ان هذا فيما يخص العقيدة والتشريع وليس علوم الطبيعة. فكل شرع وكل فكر من اهواء البشر باطل لابد ان يهجره اصحابه يوما بعد ان يذيقهم الله بسببه الويلات كما حصل مع الماركسية فها هي الصين اليوم تتبنى نظاما اقتصاديا منفتحا فيه شيء من الرأسمالية و هذا سبب تقدمها لكون هذا النظام قريبا من النظام الإسلامي أي انها كفرت بأفكار ماركس وستالين عن رأس المال وعن افيون الشعوب عمليا وان لم تصرح بذلك نظريا، هذه الأفكار التي قتلوا لأجلها ملايين البشر والآن تبين لهم بكل بساطة خطأها! اما الرأسمالية الليبرالية فانهيارها قادم ايضا عندما يأذن الله بذلك لأنها تهدف لإستعباد البشرية اقتصاديا وجعل المال دولة بين ثلة من اللصوص الكبار الذين جلهم يهود. و هكذا كل فكر بشري يصنع عقيدة لابد ان ينهار بعد ان يذوق الناس مرارته لأنه من عمل الشيطان كالليبرالية والرأسمالية والقومية والوطنية وافكارهم السخيفة عن نهاية التاريخ و الحداثة وما بعد الحداثة وكل ما يوسوس لهم الشيطان من ضلالات ما انزل الله بها من سلطان . و هذا بخلاف علوم الدنيا النافعة كالطب والهندسة والإدارة وعلم السياسة بعد تشذيبها مما يخالف العقيدة الحق كالسياسة الميكافلية مثلا.
وعلم الطب مثال على اقرار المسلمين بالعلوم النافعة فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ] وكيف يُعرف الدواء الا بطبيب وصيدلي بل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه استدعى يوما طبيبا طببه ولم يقل ان الطب زندقة بل قال: "انت رفيق والله الطبيب" اي الشفاء من الله و انت سبب، لذلك يفضل ادبا مع الله ان يسمى مكان طلب الشفاء "مستشفى" وليس "مشفى" لأن الشفاء يُطلب فيه من الله بسبب من البشر و الله اعلم.
مثال آخر عندما فتحت خبير غنم المسلمون المنجنيق فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من المسلمين ان هذا رجس من عمل الشيطان بل استخدموه في حروبهم، وهل صنع المنجنيق الا بعلم هندسة المكانيك!
فما يذمه الشافعي رحمه الله ترك القرآن والسنة و الإشتغال بالفلسفة وعلم الكلام و اخبار فارس والروم والحكايات والأغاني و امثالها وليس ترك الطب والهندسة والحدادة والنجارة و فن البناء وغيرها مما ينتفع به الناس في معاشهم فلا يخدعكم هؤلاء الحاقدون على دين الحق الوحيد على وجه الأرض.
كما ان البارع في هذه العلوم لا يقال له عالم مسلم لأن علوم الدنيا ليس منبعها القرآن ولا السنة بل هي مما علمه الله لخلقه من امور الدنيا رحمة بهم اذ علّمهم كيف يصنعون الملابس ليتقوا البرد وكيف يبنون البيوت ويصنعون السفن ويتقون بأس بعضهم بالدروع وهذه و امثالها من تعليم الله لخلقه كما ذكر في القرآن الكريم وكمثال على ذلك ذكره عز و جل صناعة السفن و وصفها انها من خلق الله ، قال تعالى: [وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ] فالسفينة وان كانت من صنع البشر الا انها من خلق الله اذ هو الذي علّم الإنسان ما لم يعلم. مثال آخر عن الصيد في قوله تعالى: [يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ] اذن ما يعرفه مدرب كلاب الصيد هو من علم الله الذي فتحه على البشر رحمة منه بهم، و هكذا كل علوم البشر هي من علم الله تعالى لكنها علوم للدنيا لا علاقة لها بالإسلام فبالبراعة فيها لا تنسب للإسلام اذ لم يتعلمها صاحبها من القرآن ولا من السنة و هذا مقصد الشافعي رحمه الله و الله اعلم
كما يستشهد هؤلاء الحاقدون بذم العلماء لما فعله المأمون من ترجمة كتب اليونان. والرد عليه ان الذم لكتب الفلسفة المليئة بمعتقدات الكفر الوثنية التي لوثت عقيدة المسلمين وليس كتب العلوم الدنيوية كالطب وعلم الآلات،وخير من فيهم المسمى "ارسطو" كان ربوبيا يصف إلهه بصفات تخالف صفات الله في معتقد المسلمين. انظروا للغرب كيف اخذوا بعض كتب العلوم الدنيوية التي كتبها المسلمون و انتفعوا بها وطوروها ولم يأخذوا شيئا من عقيدة المسلمين فما لنا لا نفعل مثلهم! لماذا نبحث عن زبالات افكار فلاسفتهم؟ هؤلاء الفلاسفة الذين ينقضون بعضهم بعضا فالليبرالي يسخر من الماركسي والنازي، والحداثي يسخر من التنويري، وما بعد الحداثي يسخر من الحداثي وكلها من عمل الشيطان. التقدم يحصل بالعلم والخلق وليس بصناعة افكار فلسفية يدّعون ان بها سعادة البشرية.
اريد عاقلا يجيبني ماذا استفادت البشرية من الفلاسفة ؟ احدهم يضع فلسفة يجعل فيها الإنسان حيوانا ناطقا و آخر يزعم ان الأخلاق من صنع البشر و انها تتطور وآخر يدعو الى ألوهية السوبرمان والآخر يزعم ان الدين افيون الشعوب وآخر يزعم نهاية التاريخ والآخر يدعو للفوضوية و آخر يزعم ان الطفل يميل جنسيا لأمه وآخر يدعو لهيمنة رأس المال على الشعوب المستضعفة وآخر يدعو لإبادة الأجناس الضعيفة بحجة قلة الغذاء وآخر يزعم ان الفلسفة توصلت بعد قرون من الجدل الى ان الإنسان موجود حقا فيا له من انجاز ! فما هذا الضلال المبين ؟ ويكفي لإثبات ضلالهم ان احدهم يفند معتقد الآخر وكل فترة تسقط فلسفة وتظهر اخرى وكأنها موضة ملابس، كلما ملوا من واحدة اخترعوا واحدة جديدة واخذوا يزعمون انها هي الحق المبين. ا لم يصدعوا رؤوسنا بالحداثة مثلا فماذا يقولون عنها اليوم؟ يقولون عنها عين ما سيقولونه عن الفلسفة السائدة اليوم بعد ان يملوا منها و يفتضح بطلانها. اضف لذلك ان الملحدين الجدد انفسهم يسخرون من الفلسفة اشد مما يسخر المسلمون ويدّعون انها مرحلة من التفكير البشري قد تجاوزها العقل المعاصر، أما المسلمون فقد ناصبوها العداء مذ عرفوها فأي الفريقين انضج فكريا؟
كما يستشهدون على ذم المسلمين للعمارة بالحديث: [يُؤْجَر الرَّجُل فِي نَفَقَته كُلّهَا إِلَّا الْبِنَاء فَلَا خَيْر فِيهِ]. و الرد عليه قول ابن حجر في الشرح: [وَهَذَا كُلّه مَحْمُول عَلَى مَا لَا تَمَسّ الْحَاجَة إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُدّ مِنْهُ لِلتَّوَطُّنِ وَمَا يَقِي الْبَرْد وَالْحَرّ] أي هو ذم للترف بالتوسع في البنيان والتفاخر فيه كما يفعل ذلك الناس في زماننا اذ ينفقون بسخاء على تجميل البناء من الحلان والسقوف الثانوية وغير ذلك كأنهم سيخلدون فيه فإذا اردتهم الى النفقة في سبيل الله بخلوا. و هذا الترف يودي لغلاء اسعار المنازل مما يثقل على المقدمين على الزواج فيحصل لذلك مفاسد عظيمة كالزنا و العنوسة كما يكسر قلب الفقير، فلو اعتاد الناس على بساطة العيش و وطنوا انفسهم على ذم الترف لسهل على الجميع امتلاك منزل مستقل، ولا شك ان التطاول في البنيان من علامات الساعة يريدون به التفاخر والخيلاء. اما بناء مجمعات سكنية للتوسعة على المعسرين فليس داخلا في النهي كما يزعم هؤلاء المفترون انما هو ذم للترف ودعوة للقناعة بالقليل وذم للسلاطين الذين يبنون القصور الفارهات من اموال المساكين المستضعفين للتفاخر والتكاثر ناسين ان مثوى اسلافهم اليوم في المقابر، ولم يجعل الله المال لأجل هذا السرف والترف بل ليكون للناس قياما.
كما يستشهدون بوصف جابر بن حيان بالساحر كما جاء في كتب ابن خلدون، فيسألون كيف تفخرون بساحر؟ والرد عليه ان هذا كان مبلغهم من العلم ذلك الزمن فقد كانوا يقرنون تحول المواد من شكل لآخر والذي يحصل في التفاعلات الكيمياوية بالسحر الذي حول عصي سحرة فرعون لحيات فزعم بعضهم ان المواد لا تتحول من شكل لآخر الا بهذا السحر لجهلهم بطبيعة المواد فلم يكونوا يفرقون بين مادة مركبة من عدة عناصر كالملح المكون من الكلور والصوديوم وبين العناصر الخالصة كالذهب فحكم بعضهم على الكيمياء بالسحر (وخصوصا لما وجدوا السحرة تستعمله في الدجل) لأنها تنتج مواد جديدة من تأثير التفاعلات التي كانوا يجهلون حقيقة امرها وزاد الطين بلة ان كثيرا ممن يعمل في الكيمياء كان هدفه تحويل المعادن الخسيسة لذهب مزيف بأسايب كيمياوية كالطلي بطبقة من الذهب لغش الناس، و هذا ان كان كذلك فهو اجتهاد خاطئ منهم ولم يأتوا بهذا القول لا من القرآن ولا من السنة بل من عقولهم فلا ينسب هذا لدين الله بل لجهلهم بما فتح الله على الناس في زماننا من علوم وقد اتى الزلل لهؤلاء من علم الكلام ولو انهم حكموا على الرجل استنادا للقران والسنة فقط لكان لهم في مثل هذا الرجل قول آخر و الله اعلم
كما زعموا ان ابن تيمية ذم الخوارزمي على اختراعه علم الجبر والمقابلة لكونه كفرا وزندقة، وهذا باطل فهذا نص كلام ابن تيمية في الخوارزمي: [ وقد ذكر كثير من متأخري الفقهاء مسائل وذكروا أنها لا تنحل إلا بطريق الجبر والمقابلة وقد بينا انه يمكن الجواب عن كل مسألة شرعية جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم بدون حساب الجبر والمقابلة وإن كان ايضا حساب الجبر والمقابلة صحيحا وقد كان لأبي و جدي رحمهما الله فيه من النصيب ما قد عرف ، ليست شريعة الاسلام موقوفة على شئ من علومهم] والنص واضح في قوله [ وإن كان ايضا حساب الجبر والمقابلة صحيحا ] وافتخاره بأبيه و جده لما لهما من باع في هذا العلم فالرجل لم ينف صحة هذا العلم بل بين ان الشرع ليس ناقصا محتاجا الى الخوارزمي ليكمله بعلم الجبر الذي وضعه لحل مسائل الإرث فقد كان المسلمون يحسبون الإرث قبل وضع هذا العلم انما هو علم يسهل الحساب ويحد من الأخطاء لا انه يكمل نقص الشريعة و الا لزم من ذلك ان المسلمين كانوا لا يوزعون الإرث بالحق قبل اختراع هذا العلم فافهم وجه اعتراض ابن تيمية
و هذا الغزالي في كتابه "المنقذ من الضلال" يميز بين العلوم النافعة وبين كفر الفلاسفة فيقول: (أن علومهم (اي الفلاسفة)- بالنسبة إلى الغرض الذي نطلبه - ستة أقسام رياضية ، ومنطقية ، وطبيعية ، وإلهية ، وسياسية ، وخلقية . أما الرياضية : فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم ، وليس يتعلق منه شيء بالأمور الدينية نفياً وإثباتاً ، بل هي أمور برهانية لا سبيل إلى مجاحدتهم بعد فهمها ومعرفتها .) فعبارته واضحة في عدم جحد جهدهم في العلوم الدنيوية النافعة وانها لا صلة لها بالدين بخلاف الكنيسة التي كانت تعدها هرطقة
وقال ايضا في نفس المصدر منكرا على من ذم كل العلوم الدنيوية من الرياضيات والطبيعيات زاعما انها ليست من القرآن والسنة فقال: ( الآفة الثانية : نشأت من صديق للإسلام جاهل ، ظن أن الدين ينبغي أن ينصر بإنكار كل علم منسوب إليهم (أي اليونان). فأنكر جميع علومهم وادعى جهلهم فيها حتى أنكر قولهم في الكسوف والخسوف ، وزعم أن ما قالوه على خلاف الشرع فلما قرع ذلك سمع من عرف ذلك بالبرهان القاطع ، لم يشك في برهانه ولكن اعتقد أن الإسلام مبني على الجهل وإنكار البرهان القاطع ، فازداد للفلسفة حباً وللإسلام بغضاً ، ولقد عظم على الدين جناية من ظن أن الإسلام ينصر بإنكار هذه العلوم ، وليس في الشرع تعرض لهذه العلوم بالنفي والإثبات ، ولا في هذه العلوم تعرض للأمور الدينية) و هذا هو عين ما نعانيه اليوم من هؤلاء الذين يسمون بالدنيويين العرب الذين يصفون الإسلام بالتخلف والرجعية فيدعون لنبذ الدين كله او جلّه بحجة ان هذا الدين لا يتضمن هذه العلوم الدنيوية
و بيّن الغزالي رحمه الله المسائل الثلاث التي نكفّر بها الفلاسفة فقال (أما المسائل الثلاث ، فقد خالفوا فيها كافة المسلمين وذلك في قولهم : 1 - إن الأجساد لا تحشر ، وإنما المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة ، و المثوبات والعقوبات روحانية لا جسمانية . ولقد صدقوا في إثبات الروحانية : فإنها كائنة أيضاً ، ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية ، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به . 2 - ومن ذلك قولهم : " إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات " ، فهو أيضاً كفر صريح ، بل الحق أنه : " لا يعزب عنه مثقال ذرةٍ في السمواتِ ولا في الأرضِ " . 3 - ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته ، ولم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل .) فلاحظ انه لم يكفرهم لإشتغالهم بطب او فلك او حساب او طبيعة انما لطعنهم في الدين
واستشهدوا ايضا بكتب الرجال التي ذكرت زندقة الطبيب الرازي وتناسوا ان من حكم عليه بذلك من العلماء انما فعل هذا لما زعموه من فساد معتقده الفلسفي و اقراره للتنجيم لا لإشتغاله بالطب فكيف يستشهدون بهذا على مناوئة المسلمين للعلوم النافعة كما انك تجد من يقول بتوبته قبل موته من مناوئيه من السلفية انفسهم كما تجدون في هذا الرابط مثلا:
أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر
يقول الرازي عن تأثير الكواكب : (ولكن لما اعتقدوا أن حركاتها واتصالاتها أسباب لحدوث الحوادث في هذا العالم لمجرى العادة لم يكن ذلك كفرا ولا ضلالا). اقول ومن الله التسديد: ان قصد بذلك ان لها تأثيرا على حياة الناس كتأثير الجبال فقد صدق فالجبال جعلها الله لترسي الأرض لئلا تميد بنا و هذا تأثير نافع و كذا جعل الشمس مصدر الحياة على الأرض فلولاها لهلك كل شيء وكذا القمر يحدث المد والجزر وله اثر معروف في استقرار دوران الأرض حول نفسها بلا اضطراب، حتى كوكب المشتري لعظم حجمه جاذبيته كبيرة لها اثر على كوكبنا، و حركتا الشمس والقمر و موضعهما من الأرض هو السبب في الخسوف والكسوف، فإن كان الرازي قصد ان للكواكب مثل هذا التأثير فهذا حق اما ان قصد انها قوى عاقلة تدبر امر المخلوقات او تستجيب لمن يدعوها فهذا كفر و لو زعم ان ذلك بإذن الله، فقد زعم مسيلمة الكذاب انه نبي له الطاعة بإذن الله ويفعل الخوارق بإذن الله ، ومن قبله المشركون زعموا ان فواحشهم بإذن الله فقالوا "و الله امرنا بها".
ولو سألت سلفيا او اشعريا ما حكم التنجيم وما حكم الطب في الإسلام لأجمعوا على كفر المنجمين وان طب فرض كفاية، انما يقع الخلاف على كون الرازي منجما ام موثقا لعلم التنجيم، و الحكم على الأفراد لا يقدم ولا يؤخر في عقيدة المسلمين شيئا. و هذا بخلاف معتقد النصارى الذين كانوا يعدون من اشتغل بالطب مهرطقا متدخلا في قدر الله صارفا الموت بسحره عمن قدّر إلههم يسوع له ذلك فهو من وحي الشيطان بزعمهم فيأمرون بحرقه حيا! بينما التداوي في الإسلام داخل في القدر، فشتان بين الحق والباطل.
اما الفارابي فإن كان قد اعتنق معتقد الفلاسفة فهو من اهل الضلال ولا يجوز نسبته لأمة محمد صلى الله عليه وسلم انما يفخر به من هو على مثل معتقده. فهذا من حق المعترض ان يسأل لماذا يفخر به بعض المسلمين! و اني اؤيدهم في ان مثل هذا ان صح انه اعتنق معتقد الفلاسفة الملحدين لا يجوز ان يفتخر به مسلم الا ان ثبتت براءته من ذلك
اما ابن سينا فإن كان باطنيا زنديقا حقا كما زعموا فليس من أمة محمد في شيء، وان كان قد برع في الطب فقد برع غيره من اليونان قبله مثل ابوقراط و جالينوس ولم ينكر احد من المسلمين على ابوقراط علمه بالطب ولا ننكره على ابن سينا ايضا لكن كما كان ابوقراط وثنيا فقد زعموا ان ابن سينا كان باطنيا فان صح ذلك فلا يجوز ان ينسب لأمة محمد وليس هذا لإشتغاله بالطب بل لإعتناقه عقيدة الزنادقة الباطنية فلا حجة في هذا على المسلمين باتهامهم بتكفير الأطباء. كما ان الرجل نفسه ذكر ان اباه كان على هذا المعتقد وقد يكون هو على خلاف معتقد ابيه ولا ادري ان كان له كتب فيها معتقد الباطنية فلا تزر وازرة وزر اخرى.
نقل ابن حجر في الميزان عن احد فقهاء الشافعية قوله: " وقد اتفق العلماء على أن بن سيناء كان يقول بقدم العالم ونفي المعاد الجسماني ولا ينكر المعاد النفساني ونقل عنه أنه قال ان الله لا يعلم الجزئيات بعلم جزئي بل بعلم كلي فقطع علماء زمانه ومن بعدهم من الأئمة ممن يعتبر قولهم أصولا وفروعا بكفره و بكفر أبي نصر الفارابي من أجل اعتقاد هذه المسائل وأنها خلاف اعتقاد المسلمين " ثم قال : "وقد أطلق الغزالي وغيره القول بتكفير بن سيناء " اذن كفرهم ليس لإشتغالهم بطب ولا هندسة ولا فلك ولا كيمياء ولا حتى علم الكلام ولا نظرهم في كتب الفلاسفة الملحدين او الربوبيين بل لمعتقدات اخذوها من الكفار تناقض الإسلام فزعمهم قدم العالم يقصد منه ان العالم لا اول له اي لم يخلقه خالق وهو عين معتقد الملحدين فكيف لا يكون ذلك كفرا ان ثبت عنهم ذلك
قال الغزالي في المنقذ من الضلال: "ثم رد ارسطاطاليس على افلاطون وسقراط ومن كان قبله من الالهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرأ من جميعهم الا انه استبقى ايضا من رذائل كفرهم وبدعتهم بقايا لم يوفق للنزوع عنها فوجب تكفيرهم وتكفير شيعتهم من المتفلسفة الإسلاميين كإبن سينا والفارابي وامثالهما" فهذا كلام الغزالي وليس ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب!
و ابن رشد الحفيد (بخلاف جده) ان كان حقا كل ما فعله نقل فلسفة اليونان لأوربا فهذا لا صلة له بكتاب الله وسنة رسوله فلا ينسب للإسلام بشيء سواء كان ما قاله كفر ام لا، فإن كان له كتب في علوم المسلمين وثبت صحة معتقده فلنا ان نفخر بها اما ان يكون فيلسوفا تتلمذ على ارسطو فهذا علم لا ينسب للإسلام في شيء فللمعترض على المسلمين الذين يفخرون به وجه حق في ذلك
و الخلاصة ان كان من بين هؤلاء ملاحدة او باطنية او على عقيدة الفلاسفة اليونان و غير ذلك من اشكال الكفر فهم ليسوا من أمتنا اصلا و ذمنا لهم لأجل هذه المعتقدات لا لأجل براعتهم في الطب والهندسة والفلك والكيمياء وغيرها من علوم الدنيا المباحة بل التي تعد فرض كفاية فللمعترض على المسلمين الحق ان ينهانا عن الفخر بمن ليسوا منا.
ولابد من الإشارة هنا للسبب الذي شرع الله به الدين فهو جل شأنه لم ينزل القرآن الكريم ليعلم الناس الطب والفلك فهذا متروك لإجتهادهم في امور دنياهم بل ليذكرهم بخالقهم وصفاته وكيف يوحدونه و يذكرهم باليوم الآخر كما يعلمهم المعاملات بالعدل لا يظلم بعضهم بعضا لا بالإعتداء على النفس بالقتل ولا الإعتداء على المال بالربا ولا الإعتداء على العرض بالقذف كما كانوا يفعلون في الجاهلية. انزل الله القرآن ليطهر به الأرض من معتقدات الكفر بأشكالها التي شقيت بها البشرية و التي تعبّد الناس لذوي السلطان مثل كسرى و هرقل وفرعون وتضحك عليهم بعبادة الأصنام، نزلت لتطهر قلوبهم من دنس الشهوات التي دفعتهم لغزو بعضهم بعضا لشهوة الملك و وأد بناتهم لشهوة الفخر و انتشار الزنا لشهوة الفرج وشرب الخمر لشهوة النشوة والسهر على القيان لشهوة الأذن فإذا اشتاقت ارواحهم لشيء تسكن له ذهبوا فسجدوا لصنم او قرؤوا اشعارا ماجنة. هكذا تقاس منجزات الإسلام وليس بعدد الأطباء والمهندسين فإنما الطب والهندسة حرفة من الحرف من عمل بها للدنيا فما له في الآخرة من نصيب ومن عمل بها يبتغي الرزق الحلال ونفع ناس فلا يتره ربه اجره. البراعة في علوم الدنيا يعود شأنها للناس ان يأخذوا بها او يتركوها حسب مصالح دنياهم الا ان كانت علوما تتضمن عقائد الكفر و على رأسها فلسفة اليونان فهذه لا يجوز ان نسويها بالطب والهندسة والفلك و الإدارة والجيلوجيا بل هي دين غير دين الإسلام لا يحل لمسلم ان يعتنقها بحجة ان هذا علم الا ان للمتخصصين الخوض فيها للرد عليها ودعوة اصحابها للإسلام لأن جوهر الدين العقيدة أي الفكر الذي تفهم به منهجك في الحياة ولأي شيء خلقت فأما ان تنهل من كتاب الله وسنة رسوله فأنت مسلم او تأخذ من غيرهما فأنت على غير الإسلام، لا فرق بين ان يكون مصدر الفكر فيلسوفا يونانيا قديما او فيلسوفا يهوديا معاصرا او صليبيا مستشرقا او ملحدا او زنديقا او بوذيا او هندوسيا او أي مصدر آخر فأي عقيدة (فكر) غير الإسلام كفر و اصحابه في الاخرة من الخاسرين. فهذه عقيدة المسلمين اما عقيدة الليبراليين التي تسوي بين جميع المعتقدات فأصلها الإلحاد، اذ الملحد تستوي عنده كل المعتقدات الدينية فليس هذا نابعا من سماحتهم كما يزعمون، كما ان الليبراليين في عقر بلادهم لا يسوون عمليا بين الإسلام والنصرانية في الحقوق -و ان كان هذا هو اللازم من معتقدهم نظريا- بل ينسقون معهم لنشر التنصير والحد من انتشار الإسلام فهم ليسوا على الحياد و هذا معروف لمن خبر امرهم عن قرب ولله المشتكى واليه المصير.
وصلى الله على خاتم الأنبياء و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
تم بعونه تعالى
-----------------
قد تسمعون او تقرؤون هنا او هناك -خصوصا من مصادر نصرانية او ليبرالية او حتى ممن يتصدى للإصلاح من المسلمين- بخصوص العلماء المسلمين الذين برعوا في العلوم الدنيوية فقد تجدون من يقول ان هؤلاء كانوا يُعدون في معتقد المسلمين في ذلك الزمن زنادقة ملاحدة كما صرح بذلك بعض المصنفين في علوم الرجال كالذهبي وابن حجر عن بعضهم فكيف تفخرون بهم اليوم؟
والجواب عليه ان هذا الكلام فيه حق وباطل
فالحق ان منهم فعلا زنادقة ملاحدة ما ينبغي لمسلم ان يفخر بهم على انهم من امتنا ليس لكونهم اشتغلوا بعلوم دنيوية بل لمعتقدات كفرية اعتنقوها اخرجتهم من الملة وخصوصا من اشتغل بالفلسفة التي هي منبع الإلحاد قديما وحديثا فقد يوصف طبيب بالزندقة ليس لإشتغاله بالطب بل لما اعتنقه من فكر فلسفي الحادي مثل القول بقِدم العالم الذي يلزم منه ان الكون لم يخلقه خالق وهو اصل معتقد الملحدين ولا يزال علماء المسلمين الى اليوم ينكرون على الفلاسفة وما اخترعوه من معتقدات ما انزل الله بها من سلطان كالماركسية والليبرالية والوجودية والمادية وذلك السخيف الذي زعم نهاية التاريخ و امثالهم من المتفلسفين بما يوحي اليهم الشيطان، وما فعلوه بالبشرية من الخراب ظاهر آثاره لكل من يعقل دليل واضح على وجوب مناهضة اصحاب هذه الفلسفات الشيطانية حتى نحد من آثارها على المسلمين بل على البشرية جميعا وننشر المعتقد الرباني الصحيح، و هذا صراع الحق و الباطل الى يوم القيامة، فلسنا ابدا ممن يستحيي المجاهرة بعداء حزب الشيطان من هؤلاء الفلاسفة وفضح اهدافهم الشيطانية بل هو من انكار المنكر الذي هو من صميم الإسلام، ومنكرات هذه الفلسفات الكفرية اشد من الكبائر كالسرقة والزنا، وكفى بملايين البشر الذين يُقتلون ويعذبون وتنهب اموالهم تحت شعاراتها الخادعة دليلا على منبعها الشيطاني و لكن اكثر الناس لا يعلمون.
ومن المسلمين من كان يعمل في الكيمياء التي كانت في ذلك الزمن لا هم لأصحابها الا صناعة شبيه الذهب (الحلي الرخيصة) وشبيه الفضة (مثل الفافون اللامع) و بيعها للناس على انها ذهب و فضة، ولا شك ان هذا من الغش الكبير الذي يجب ردعهم عنه، ولا فرق بينه وبين تزوير العملة في زماننا، فلو زعم مزورو العملة اليوم ان عملهم يستند الى علم عظيم وان مناهضيهم اعداء التقدم لما قبل العقلاء منهم ذلك فمن يقبل استخدام العلم في الشر فما لنا نقبله من الكيميائيين الأوائل ويراد منا مدحهم على افعالهم، ولو انهم صنعوا شيئا مفيدا للناس لما قيل عنهم ذلك . اضافة لإختلاط الكيمياء بالسيمياء عادة في ذلك الزمن، والسيمياء هي الكيمياء التي يستعملها السحرة لتحضير مواد تساعدهم على خداع الناس او استحضار الشياطين (الدجل).
فلا اعتراض على الإشتغال بالطب او الكيمياء بل الإعتراض على اعتناق عقيدة مستوردة من فلاسفة كفرة او غش الناس بمصنوعات مزيفة و هذا ما كان يعيبه عليهم علماء المسلمين قديما ولا يزالون كذلك حديثا. ومن اشهر من فعل ذلك ابن تيمية اذ بوّب بابا كاملا في فتاواه لفضح تزييف الكيميائيين للذهب والفضة فكان مما قاله عن الذهب المزيف: [ لَكِنْ هِيَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الدِّينِ مِنْ الْغِشِّ الْبَاطِلِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَا يَحِلُّ عَمَلُهُ وَلَا اتِّخَاذُهُ مَالًا] ومن ابرز الأدلة على ان ابن تيمية لم يكن يحرم الكيمياء بصفته علما انه كان يجيز صنع الزجاج من الرمل فكان يقول: [ وَمِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْكِيمَاوِيَّةِ اسْتِدْلَالُهُمْ بِالزُّجَاجِ قَالُوا : فَإِنَّ الزُّجَاجَ مَعْمُولٌ مِنْ الرَّمْلِ وَالْحَصَى وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَاسُوا عَلَى ذَلِكَ مَا يَعْمَلُونَهُ مِنْ الْكِيمْيَاءِ وَهَذِهِ حُجَّةٌ فَاسِدَةٌ ...الخ] اذن كان ينكر عليهم تزييف الذهب والفضة وليس تحويل الرمل الى زجاج ينتفع به الناس و امثالها من المواد التي يصنعها الكيمياويون. واظن صلاح الدين الأيوبي استعان بكيمياوي صنع له موادا حارقة لأبراج العدو فهل انكر عليه علماء المسلمين ذلك ؟
فهذه الحقيقة، فلا يغرنكم ما يقولوه المنصّرون الصليبيون في قنواتهم ومواقعهم الأليكترونية فو الله ما عندهم غير الحيلة لنشر معتقدهم الباطل و هذا ديدنهم مذ اوجدوا هذا الدين المزور على المسيح عليه السلام فلا سبيل لهم لدحض الحق الا بالحيل لضعف دينهم وتحريفه وكثرة الخرافات فيه مما يصعب على عاقل ان يقبله في زماننا فلا يجدون غير هذه الأساليب الخسيسة التي تدل على حقيقة ما تكن صدورهم من الحقد الأعمى لما يرونه من انتشار الإسلام في اوربا بخلاف ما يظهرونه من دعوى الحب والسلام، وصدق الله اذ قال عنهم: [ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ] فأين العقلاء؟
اضافة الى ان العلم الذي ذكر في كتاب الله وسنة رسوله هو العلم الموصل للنجاة في الآخرة ولنشر العدل و اصلاح النفوس في الدنيا اما العلوم الدنيوية فقد تركها الإسلام لإجتهادات البشر فانتم اعلم بأمور دنياكم الا انه حض عليها من طرف خفي كقوله تعالى :[ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ] وهذا لا يكون الا بعلوم الدنيا فلا تصنع الأسلحة الا بعلم دنيوي وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم على التداوي و أنه ليس ضد القدر و هذا لا يكون الا بعلم الصيدلة والطب و بنى المسلمون مدنا كاملة و هذا لا يكون الا بمهندسين حسب مصطلحات العصر الحالي وقد اصل العلماء لقاعدة "ما لا يكون الواجب الا به فهو واجب" وبعض مصالح المسلمين لا تتحقق الا بهذه العلوم و هكذا . ولا تجد احدا من المسلمين زعم ان الطب والهندسة والفيزياء كفر او زندقة. وحتى علوم الفلك ان كان المقصود منها معرفة مطلع الهلال او الإستدلال على الطريق بالنجوم او سبر اسرار الكون للإزدياد من العلم وغير ذلك مما فيه النفع فلا اعتراض عليه انما الإعتراض على من اشتغل بالتنجيم مثل هؤلاء الذين يقرؤون الطالع عن طريق الأبراج مثلا ويزعمون ان هذا من علم الفلك فهذا من الدجل الذي يجب الإنكار عليه.
ولابد من الإشارة ايضا الى ان بعض من اشتغل بالعلوم الدنيوية من المسلمين قديما قد يكون فعل ذلك بنية حسنة لكن الناس –وربما بعض علماء ذلك الزمن ايضا- نظروا اليه بريبة لأن جلّ من اشتغل بمثل هذا في ذلك الزمن كان من فاسدي المعتقد، فإذا اشتغل به بعض المسلمين قد يساء بهم الظن ويُظلمون، فلربما اشتغل بعضهم بعلم الفلك يبتغي معرفة مطالع الشهور او اكتشاف جديد في حركة النجوم فيساء به الظن ويقال عنه منجم زنديق اذ ان غالب من يشتغل بالفلك في ذلك الزمن كانوا كذلك حقا، اضف لذلك ان لكل ناجح اعداء لا همّ لهم الا الإفتراء عليه حسدا من عند انفسهم فقد يكونوا هم من لفق لبعض هؤلاء العلماء بعض الدسائس فهذا ايضا امر لابد من النظر فيه بعين الإنصاف و التماس العذر لمن طَعن فيهم حبا لدينه جهلا بحقيقة افعالهم
ومما زاد الطين بلّة ان القوميين الدنيويين العرب لا وزن للدين في قلوبهم فتراهم يروّجون لبعض الزنادقة على انهم اعلام العرب و لكتبهم على انها خير ما كتب العرب اذا وجدوا الغرب معجبين بنتاجهم الفكري، وهل يُعرف الحق بإعجاب الغرب به وقد فسدت عقيدتهم ؟! و هل اعجبهم القرآن ليعجبهم كتب علماء المسلمين؟ ومثال ذلك افتخارهم بكتاب الفسق و الفجور المسمى "الف ليلة وليلة" الذي وضعه احد الزنادقة المناوئين للإسلام من اصول مجوسية لما يرون من اعجاب النصارى والملحدين والفجار الغرب به وكأن اعجابهم ميزان للحق والعياذ بالله، و قس على ذلك كتب الفلسفة العربية يفخرون بها ولو كان بها من الكفر ما كان
ويستشهد هؤلاء الطاعنون في دين رب العالمين بقول الإمام الشافعي:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ... إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال : حدثنا ... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
فزعموا ان هذا دليل على بغض المسلمين للعلوم الدنيوية وحصرها في القرآن والسنة. والرد عليهم ان هذا فيما يخص العقيدة والتشريع وليس علوم الطبيعة. فكل شرع وكل فكر من اهواء البشر باطل لابد ان يهجره اصحابه يوما بعد ان يذيقهم الله بسببه الويلات كما حصل مع الماركسية فها هي الصين اليوم تتبنى نظاما اقتصاديا منفتحا فيه شيء من الرأسمالية و هذا سبب تقدمها لكون هذا النظام قريبا من النظام الإسلامي أي انها كفرت بأفكار ماركس وستالين عن رأس المال وعن افيون الشعوب عمليا وان لم تصرح بذلك نظريا، هذه الأفكار التي قتلوا لأجلها ملايين البشر والآن تبين لهم بكل بساطة خطأها! اما الرأسمالية الليبرالية فانهيارها قادم ايضا عندما يأذن الله بذلك لأنها تهدف لإستعباد البشرية اقتصاديا وجعل المال دولة بين ثلة من اللصوص الكبار الذين جلهم يهود. و هكذا كل فكر بشري يصنع عقيدة لابد ان ينهار بعد ان يذوق الناس مرارته لأنه من عمل الشيطان كالليبرالية والرأسمالية والقومية والوطنية وافكارهم السخيفة عن نهاية التاريخ و الحداثة وما بعد الحداثة وكل ما يوسوس لهم الشيطان من ضلالات ما انزل الله بها من سلطان . و هذا بخلاف علوم الدنيا النافعة كالطب والهندسة والإدارة وعلم السياسة بعد تشذيبها مما يخالف العقيدة الحق كالسياسة الميكافلية مثلا.
وعلم الطب مثال على اقرار المسلمين بالعلوم النافعة فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ] وكيف يُعرف الدواء الا بطبيب وصيدلي بل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه استدعى يوما طبيبا طببه ولم يقل ان الطب زندقة بل قال: "انت رفيق والله الطبيب" اي الشفاء من الله و انت سبب، لذلك يفضل ادبا مع الله ان يسمى مكان طلب الشفاء "مستشفى" وليس "مشفى" لأن الشفاء يُطلب فيه من الله بسبب من البشر و الله اعلم.
مثال آخر عندما فتحت خبير غنم المسلمون المنجنيق فلم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا احد من المسلمين ان هذا رجس من عمل الشيطان بل استخدموه في حروبهم، وهل صنع المنجنيق الا بعلم هندسة المكانيك!
فما يذمه الشافعي رحمه الله ترك القرآن والسنة و الإشتغال بالفلسفة وعلم الكلام و اخبار فارس والروم والحكايات والأغاني و امثالها وليس ترك الطب والهندسة والحدادة والنجارة و فن البناء وغيرها مما ينتفع به الناس في معاشهم فلا يخدعكم هؤلاء الحاقدون على دين الحق الوحيد على وجه الأرض.
كما ان البارع في هذه العلوم لا يقال له عالم مسلم لأن علوم الدنيا ليس منبعها القرآن ولا السنة بل هي مما علمه الله لخلقه من امور الدنيا رحمة بهم اذ علّمهم كيف يصنعون الملابس ليتقوا البرد وكيف يبنون البيوت ويصنعون السفن ويتقون بأس بعضهم بالدروع وهذه و امثالها من تعليم الله لخلقه كما ذكر في القرآن الكريم وكمثال على ذلك ذكره عز و جل صناعة السفن و وصفها انها من خلق الله ، قال تعالى: [وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ] فالسفينة وان كانت من صنع البشر الا انها من خلق الله اذ هو الذي علّم الإنسان ما لم يعلم. مثال آخر عن الصيد في قوله تعالى: [يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ] اذن ما يعرفه مدرب كلاب الصيد هو من علم الله الذي فتحه على البشر رحمة منه بهم، و هكذا كل علوم البشر هي من علم الله تعالى لكنها علوم للدنيا لا علاقة لها بالإسلام فبالبراعة فيها لا تنسب للإسلام اذ لم يتعلمها صاحبها من القرآن ولا من السنة و هذا مقصد الشافعي رحمه الله و الله اعلم
كما يستشهد هؤلاء الحاقدون بذم العلماء لما فعله المأمون من ترجمة كتب اليونان. والرد عليه ان الذم لكتب الفلسفة المليئة بمعتقدات الكفر الوثنية التي لوثت عقيدة المسلمين وليس كتب العلوم الدنيوية كالطب وعلم الآلات،وخير من فيهم المسمى "ارسطو" كان ربوبيا يصف إلهه بصفات تخالف صفات الله في معتقد المسلمين. انظروا للغرب كيف اخذوا بعض كتب العلوم الدنيوية التي كتبها المسلمون و انتفعوا بها وطوروها ولم يأخذوا شيئا من عقيدة المسلمين فما لنا لا نفعل مثلهم! لماذا نبحث عن زبالات افكار فلاسفتهم؟ هؤلاء الفلاسفة الذين ينقضون بعضهم بعضا فالليبرالي يسخر من الماركسي والنازي، والحداثي يسخر من التنويري، وما بعد الحداثي يسخر من الحداثي وكلها من عمل الشيطان. التقدم يحصل بالعلم والخلق وليس بصناعة افكار فلسفية يدّعون ان بها سعادة البشرية.
اريد عاقلا يجيبني ماذا استفادت البشرية من الفلاسفة ؟ احدهم يضع فلسفة يجعل فيها الإنسان حيوانا ناطقا و آخر يزعم ان الأخلاق من صنع البشر و انها تتطور وآخر يدعو الى ألوهية السوبرمان والآخر يزعم ان الدين افيون الشعوب وآخر يزعم نهاية التاريخ والآخر يدعو للفوضوية و آخر يزعم ان الطفل يميل جنسيا لأمه وآخر يدعو لهيمنة رأس المال على الشعوب المستضعفة وآخر يدعو لإبادة الأجناس الضعيفة بحجة قلة الغذاء وآخر يزعم ان الفلسفة توصلت بعد قرون من الجدل الى ان الإنسان موجود حقا فيا له من انجاز ! فما هذا الضلال المبين ؟ ويكفي لإثبات ضلالهم ان احدهم يفند معتقد الآخر وكل فترة تسقط فلسفة وتظهر اخرى وكأنها موضة ملابس، كلما ملوا من واحدة اخترعوا واحدة جديدة واخذوا يزعمون انها هي الحق المبين. ا لم يصدعوا رؤوسنا بالحداثة مثلا فماذا يقولون عنها اليوم؟ يقولون عنها عين ما سيقولونه عن الفلسفة السائدة اليوم بعد ان يملوا منها و يفتضح بطلانها. اضف لذلك ان الملحدين الجدد انفسهم يسخرون من الفلسفة اشد مما يسخر المسلمون ويدّعون انها مرحلة من التفكير البشري قد تجاوزها العقل المعاصر، أما المسلمون فقد ناصبوها العداء مذ عرفوها فأي الفريقين انضج فكريا؟
كما يستشهدون على ذم المسلمين للعمارة بالحديث: [يُؤْجَر الرَّجُل فِي نَفَقَته كُلّهَا إِلَّا الْبِنَاء فَلَا خَيْر فِيهِ]. و الرد عليه قول ابن حجر في الشرح: [وَهَذَا كُلّه مَحْمُول عَلَى مَا لَا تَمَسّ الْحَاجَة إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُدّ مِنْهُ لِلتَّوَطُّنِ وَمَا يَقِي الْبَرْد وَالْحَرّ] أي هو ذم للترف بالتوسع في البنيان والتفاخر فيه كما يفعل ذلك الناس في زماننا اذ ينفقون بسخاء على تجميل البناء من الحلان والسقوف الثانوية وغير ذلك كأنهم سيخلدون فيه فإذا اردتهم الى النفقة في سبيل الله بخلوا. و هذا الترف يودي لغلاء اسعار المنازل مما يثقل على المقدمين على الزواج فيحصل لذلك مفاسد عظيمة كالزنا و العنوسة كما يكسر قلب الفقير، فلو اعتاد الناس على بساطة العيش و وطنوا انفسهم على ذم الترف لسهل على الجميع امتلاك منزل مستقل، ولا شك ان التطاول في البنيان من علامات الساعة يريدون به التفاخر والخيلاء. اما بناء مجمعات سكنية للتوسعة على المعسرين فليس داخلا في النهي كما يزعم هؤلاء المفترون انما هو ذم للترف ودعوة للقناعة بالقليل وذم للسلاطين الذين يبنون القصور الفارهات من اموال المساكين المستضعفين للتفاخر والتكاثر ناسين ان مثوى اسلافهم اليوم في المقابر، ولم يجعل الله المال لأجل هذا السرف والترف بل ليكون للناس قياما.
كما يستشهدون بوصف جابر بن حيان بالساحر كما جاء في كتب ابن خلدون، فيسألون كيف تفخرون بساحر؟ والرد عليه ان هذا كان مبلغهم من العلم ذلك الزمن فقد كانوا يقرنون تحول المواد من شكل لآخر والذي يحصل في التفاعلات الكيمياوية بالسحر الذي حول عصي سحرة فرعون لحيات فزعم بعضهم ان المواد لا تتحول من شكل لآخر الا بهذا السحر لجهلهم بطبيعة المواد فلم يكونوا يفرقون بين مادة مركبة من عدة عناصر كالملح المكون من الكلور والصوديوم وبين العناصر الخالصة كالذهب فحكم بعضهم على الكيمياء بالسحر (وخصوصا لما وجدوا السحرة تستعمله في الدجل) لأنها تنتج مواد جديدة من تأثير التفاعلات التي كانوا يجهلون حقيقة امرها وزاد الطين بلة ان كثيرا ممن يعمل في الكيمياء كان هدفه تحويل المعادن الخسيسة لذهب مزيف بأسايب كيمياوية كالطلي بطبقة من الذهب لغش الناس، و هذا ان كان كذلك فهو اجتهاد خاطئ منهم ولم يأتوا بهذا القول لا من القرآن ولا من السنة بل من عقولهم فلا ينسب هذا لدين الله بل لجهلهم بما فتح الله على الناس في زماننا من علوم وقد اتى الزلل لهؤلاء من علم الكلام ولو انهم حكموا على الرجل استنادا للقران والسنة فقط لكان لهم في مثل هذا الرجل قول آخر و الله اعلم
كما زعموا ان ابن تيمية ذم الخوارزمي على اختراعه علم الجبر والمقابلة لكونه كفرا وزندقة، وهذا باطل فهذا نص كلام ابن تيمية في الخوارزمي: [ وقد ذكر كثير من متأخري الفقهاء مسائل وذكروا أنها لا تنحل إلا بطريق الجبر والمقابلة وقد بينا انه يمكن الجواب عن كل مسألة شرعية جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم بدون حساب الجبر والمقابلة وإن كان ايضا حساب الجبر والمقابلة صحيحا وقد كان لأبي و جدي رحمهما الله فيه من النصيب ما قد عرف ، ليست شريعة الاسلام موقوفة على شئ من علومهم] والنص واضح في قوله [ وإن كان ايضا حساب الجبر والمقابلة صحيحا ] وافتخاره بأبيه و جده لما لهما من باع في هذا العلم فالرجل لم ينف صحة هذا العلم بل بين ان الشرع ليس ناقصا محتاجا الى الخوارزمي ليكمله بعلم الجبر الذي وضعه لحل مسائل الإرث فقد كان المسلمون يحسبون الإرث قبل وضع هذا العلم انما هو علم يسهل الحساب ويحد من الأخطاء لا انه يكمل نقص الشريعة و الا لزم من ذلك ان المسلمين كانوا لا يوزعون الإرث بالحق قبل اختراع هذا العلم فافهم وجه اعتراض ابن تيمية
و هذا الغزالي في كتابه "المنقذ من الضلال" يميز بين العلوم النافعة وبين كفر الفلاسفة فيقول: (أن علومهم (اي الفلاسفة)- بالنسبة إلى الغرض الذي نطلبه - ستة أقسام رياضية ، ومنطقية ، وطبيعية ، وإلهية ، وسياسية ، وخلقية . أما الرياضية : فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم ، وليس يتعلق منه شيء بالأمور الدينية نفياً وإثباتاً ، بل هي أمور برهانية لا سبيل إلى مجاحدتهم بعد فهمها ومعرفتها .) فعبارته واضحة في عدم جحد جهدهم في العلوم الدنيوية النافعة وانها لا صلة لها بالدين بخلاف الكنيسة التي كانت تعدها هرطقة
وقال ايضا في نفس المصدر منكرا على من ذم كل العلوم الدنيوية من الرياضيات والطبيعيات زاعما انها ليست من القرآن والسنة فقال: ( الآفة الثانية : نشأت من صديق للإسلام جاهل ، ظن أن الدين ينبغي أن ينصر بإنكار كل علم منسوب إليهم (أي اليونان). فأنكر جميع علومهم وادعى جهلهم فيها حتى أنكر قولهم في الكسوف والخسوف ، وزعم أن ما قالوه على خلاف الشرع فلما قرع ذلك سمع من عرف ذلك بالبرهان القاطع ، لم يشك في برهانه ولكن اعتقد أن الإسلام مبني على الجهل وإنكار البرهان القاطع ، فازداد للفلسفة حباً وللإسلام بغضاً ، ولقد عظم على الدين جناية من ظن أن الإسلام ينصر بإنكار هذه العلوم ، وليس في الشرع تعرض لهذه العلوم بالنفي والإثبات ، ولا في هذه العلوم تعرض للأمور الدينية) و هذا هو عين ما نعانيه اليوم من هؤلاء الذين يسمون بالدنيويين العرب الذين يصفون الإسلام بالتخلف والرجعية فيدعون لنبذ الدين كله او جلّه بحجة ان هذا الدين لا يتضمن هذه العلوم الدنيوية
و بيّن الغزالي رحمه الله المسائل الثلاث التي نكفّر بها الفلاسفة فقال (أما المسائل الثلاث ، فقد خالفوا فيها كافة المسلمين وذلك في قولهم : 1 - إن الأجساد لا تحشر ، وإنما المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة ، و المثوبات والعقوبات روحانية لا جسمانية . ولقد صدقوا في إثبات الروحانية : فإنها كائنة أيضاً ، ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية ، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به . 2 - ومن ذلك قولهم : " إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات " ، فهو أيضاً كفر صريح ، بل الحق أنه : " لا يعزب عنه مثقال ذرةٍ في السمواتِ ولا في الأرضِ " . 3 - ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته ، ولم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل .) فلاحظ انه لم يكفرهم لإشتغالهم بطب او فلك او حساب او طبيعة انما لطعنهم في الدين
واستشهدوا ايضا بكتب الرجال التي ذكرت زندقة الطبيب الرازي وتناسوا ان من حكم عليه بذلك من العلماء انما فعل هذا لما زعموه من فساد معتقده الفلسفي و اقراره للتنجيم لا لإشتغاله بالطب فكيف يستشهدون بهذا على مناوئة المسلمين للعلوم النافعة كما انك تجد من يقول بتوبته قبل موته من مناوئيه من السلفية انفسهم كما تجدون في هذا الرابط مثلا:
أسباب تكفير الفخر الرازي في موضوع السحر
يقول الرازي عن تأثير الكواكب : (ولكن لما اعتقدوا أن حركاتها واتصالاتها أسباب لحدوث الحوادث في هذا العالم لمجرى العادة لم يكن ذلك كفرا ولا ضلالا). اقول ومن الله التسديد: ان قصد بذلك ان لها تأثيرا على حياة الناس كتأثير الجبال فقد صدق فالجبال جعلها الله لترسي الأرض لئلا تميد بنا و هذا تأثير نافع و كذا جعل الشمس مصدر الحياة على الأرض فلولاها لهلك كل شيء وكذا القمر يحدث المد والجزر وله اثر معروف في استقرار دوران الأرض حول نفسها بلا اضطراب، حتى كوكب المشتري لعظم حجمه جاذبيته كبيرة لها اثر على كوكبنا، و حركتا الشمس والقمر و موضعهما من الأرض هو السبب في الخسوف والكسوف، فإن كان الرازي قصد ان للكواكب مثل هذا التأثير فهذا حق اما ان قصد انها قوى عاقلة تدبر امر المخلوقات او تستجيب لمن يدعوها فهذا كفر و لو زعم ان ذلك بإذن الله، فقد زعم مسيلمة الكذاب انه نبي له الطاعة بإذن الله ويفعل الخوارق بإذن الله ، ومن قبله المشركون زعموا ان فواحشهم بإذن الله فقالوا "و الله امرنا بها".
ولو سألت سلفيا او اشعريا ما حكم التنجيم وما حكم الطب في الإسلام لأجمعوا على كفر المنجمين وان طب فرض كفاية، انما يقع الخلاف على كون الرازي منجما ام موثقا لعلم التنجيم، و الحكم على الأفراد لا يقدم ولا يؤخر في عقيدة المسلمين شيئا. و هذا بخلاف معتقد النصارى الذين كانوا يعدون من اشتغل بالطب مهرطقا متدخلا في قدر الله صارفا الموت بسحره عمن قدّر إلههم يسوع له ذلك فهو من وحي الشيطان بزعمهم فيأمرون بحرقه حيا! بينما التداوي في الإسلام داخل في القدر، فشتان بين الحق والباطل.
اما الفارابي فإن كان قد اعتنق معتقد الفلاسفة فهو من اهل الضلال ولا يجوز نسبته لأمة محمد صلى الله عليه وسلم انما يفخر به من هو على مثل معتقده. فهذا من حق المعترض ان يسأل لماذا يفخر به بعض المسلمين! و اني اؤيدهم في ان مثل هذا ان صح انه اعتنق معتقد الفلاسفة الملحدين لا يجوز ان يفتخر به مسلم الا ان ثبتت براءته من ذلك
اما ابن سينا فإن كان باطنيا زنديقا حقا كما زعموا فليس من أمة محمد في شيء، وان كان قد برع في الطب فقد برع غيره من اليونان قبله مثل ابوقراط و جالينوس ولم ينكر احد من المسلمين على ابوقراط علمه بالطب ولا ننكره على ابن سينا ايضا لكن كما كان ابوقراط وثنيا فقد زعموا ان ابن سينا كان باطنيا فان صح ذلك فلا يجوز ان ينسب لأمة محمد وليس هذا لإشتغاله بالطب بل لإعتناقه عقيدة الزنادقة الباطنية فلا حجة في هذا على المسلمين باتهامهم بتكفير الأطباء. كما ان الرجل نفسه ذكر ان اباه كان على هذا المعتقد وقد يكون هو على خلاف معتقد ابيه ولا ادري ان كان له كتب فيها معتقد الباطنية فلا تزر وازرة وزر اخرى.
نقل ابن حجر في الميزان عن احد فقهاء الشافعية قوله: " وقد اتفق العلماء على أن بن سيناء كان يقول بقدم العالم ونفي المعاد الجسماني ولا ينكر المعاد النفساني ونقل عنه أنه قال ان الله لا يعلم الجزئيات بعلم جزئي بل بعلم كلي فقطع علماء زمانه ومن بعدهم من الأئمة ممن يعتبر قولهم أصولا وفروعا بكفره و بكفر أبي نصر الفارابي من أجل اعتقاد هذه المسائل وأنها خلاف اعتقاد المسلمين " ثم قال : "وقد أطلق الغزالي وغيره القول بتكفير بن سيناء " اذن كفرهم ليس لإشتغالهم بطب ولا هندسة ولا فلك ولا كيمياء ولا حتى علم الكلام ولا نظرهم في كتب الفلاسفة الملحدين او الربوبيين بل لمعتقدات اخذوها من الكفار تناقض الإسلام فزعمهم قدم العالم يقصد منه ان العالم لا اول له اي لم يخلقه خالق وهو عين معتقد الملحدين فكيف لا يكون ذلك كفرا ان ثبت عنهم ذلك
قال الغزالي في المنقذ من الضلال: "ثم رد ارسطاطاليس على افلاطون وسقراط ومن كان قبله من الالهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرأ من جميعهم الا انه استبقى ايضا من رذائل كفرهم وبدعتهم بقايا لم يوفق للنزوع عنها فوجب تكفيرهم وتكفير شيعتهم من المتفلسفة الإسلاميين كإبن سينا والفارابي وامثالهما" فهذا كلام الغزالي وليس ابن تيمية ولا ابن عبد الوهاب!
و ابن رشد الحفيد (بخلاف جده) ان كان حقا كل ما فعله نقل فلسفة اليونان لأوربا فهذا لا صلة له بكتاب الله وسنة رسوله فلا ينسب للإسلام بشيء سواء كان ما قاله كفر ام لا، فإن كان له كتب في علوم المسلمين وثبت صحة معتقده فلنا ان نفخر بها اما ان يكون فيلسوفا تتلمذ على ارسطو فهذا علم لا ينسب للإسلام في شيء فللمعترض على المسلمين الذين يفخرون به وجه حق في ذلك
و الخلاصة ان كان من بين هؤلاء ملاحدة او باطنية او على عقيدة الفلاسفة اليونان و غير ذلك من اشكال الكفر فهم ليسوا من أمتنا اصلا و ذمنا لهم لأجل هذه المعتقدات لا لأجل براعتهم في الطب والهندسة والفلك والكيمياء وغيرها من علوم الدنيا المباحة بل التي تعد فرض كفاية فللمعترض على المسلمين الحق ان ينهانا عن الفخر بمن ليسوا منا.
ولابد من الإشارة هنا للسبب الذي شرع الله به الدين فهو جل شأنه لم ينزل القرآن الكريم ليعلم الناس الطب والفلك فهذا متروك لإجتهادهم في امور دنياهم بل ليذكرهم بخالقهم وصفاته وكيف يوحدونه و يذكرهم باليوم الآخر كما يعلمهم المعاملات بالعدل لا يظلم بعضهم بعضا لا بالإعتداء على النفس بالقتل ولا الإعتداء على المال بالربا ولا الإعتداء على العرض بالقذف كما كانوا يفعلون في الجاهلية. انزل الله القرآن ليطهر به الأرض من معتقدات الكفر بأشكالها التي شقيت بها البشرية و التي تعبّد الناس لذوي السلطان مثل كسرى و هرقل وفرعون وتضحك عليهم بعبادة الأصنام، نزلت لتطهر قلوبهم من دنس الشهوات التي دفعتهم لغزو بعضهم بعضا لشهوة الملك و وأد بناتهم لشهوة الفخر و انتشار الزنا لشهوة الفرج وشرب الخمر لشهوة النشوة والسهر على القيان لشهوة الأذن فإذا اشتاقت ارواحهم لشيء تسكن له ذهبوا فسجدوا لصنم او قرؤوا اشعارا ماجنة. هكذا تقاس منجزات الإسلام وليس بعدد الأطباء والمهندسين فإنما الطب والهندسة حرفة من الحرف من عمل بها للدنيا فما له في الآخرة من نصيب ومن عمل بها يبتغي الرزق الحلال ونفع ناس فلا يتره ربه اجره. البراعة في علوم الدنيا يعود شأنها للناس ان يأخذوا بها او يتركوها حسب مصالح دنياهم الا ان كانت علوما تتضمن عقائد الكفر و على رأسها فلسفة اليونان فهذه لا يجوز ان نسويها بالطب والهندسة والفلك و الإدارة والجيلوجيا بل هي دين غير دين الإسلام لا يحل لمسلم ان يعتنقها بحجة ان هذا علم الا ان للمتخصصين الخوض فيها للرد عليها ودعوة اصحابها للإسلام لأن جوهر الدين العقيدة أي الفكر الذي تفهم به منهجك في الحياة ولأي شيء خلقت فأما ان تنهل من كتاب الله وسنة رسوله فأنت مسلم او تأخذ من غيرهما فأنت على غير الإسلام، لا فرق بين ان يكون مصدر الفكر فيلسوفا يونانيا قديما او فيلسوفا يهوديا معاصرا او صليبيا مستشرقا او ملحدا او زنديقا او بوذيا او هندوسيا او أي مصدر آخر فأي عقيدة (فكر) غير الإسلام كفر و اصحابه في الاخرة من الخاسرين. فهذه عقيدة المسلمين اما عقيدة الليبراليين التي تسوي بين جميع المعتقدات فأصلها الإلحاد، اذ الملحد تستوي عنده كل المعتقدات الدينية فليس هذا نابعا من سماحتهم كما يزعمون، كما ان الليبراليين في عقر بلادهم لا يسوون عمليا بين الإسلام والنصرانية في الحقوق -و ان كان هذا هو اللازم من معتقدهم نظريا- بل ينسقون معهم لنشر التنصير والحد من انتشار الإسلام فهم ليسوا على الحياد و هذا معروف لمن خبر امرهم عن قرب ولله المشتكى واليه المصير.
وصلى الله على خاتم الأنبياء و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
تم بعونه تعالى
-----------------
رد: علماء المسلمين في العلوم الدنيوية هل هم زنادقة؟
من يظن ان هذا المقال من كلام المتشددين اليه كلام عدنان ابراهيم الذي يقر فيه ان ابن سينا والرازي زنادقة
مواضيع مماثلة
» حقيقة الحاد الدنيويين و مفهوم الإنسانية
» برنارد لويس المؤرخ اليهودي يعترف ان الغرب هو الذي ادخل مفهوم الوطنية والقومية و الليبرالية و الدنيوية على المسلمين-محمد اسماعيل المقدم
» الدنيوية فكر الحادي - مصطفى محمود
» الألباني يدعو لتوحيد الجماعات الإسلامية وتناسي الخلافات لمواجهة الدنيوية
» الدنيوية بأكثر صورها كفر اكبر مخرج من الملة - محمد صالح المنجد
» برنارد لويس المؤرخ اليهودي يعترف ان الغرب هو الذي ادخل مفهوم الوطنية والقومية و الليبرالية و الدنيوية على المسلمين-محمد اسماعيل المقدم
» الدنيوية فكر الحادي - مصطفى محمود
» الألباني يدعو لتوحيد الجماعات الإسلامية وتناسي الخلافات لمواجهة الدنيوية
» الدنيوية بأكثر صورها كفر اكبر مخرج من الملة - محمد صالح المنجد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى