وقفة عند بوابة رمضان-عماد الدين خليل
صفحة 1 من اصل 1
وقفة عند بوابة رمضان-عماد الدين خليل
وقفة عند بوابة رمضان
بقلم : أ. د. عماد الدين خليلها هي ذي أمة المليار ونصف المليار مسلم تقف عند بوابة رمضان معاهدة الله سبحانه على الامتناع عن الطعام والشراب ... وحفظ الجوارح من كل شائبة ، وملاحقة خطرات
القلوب ... معاهدة إياه على مجافاة النوم والاسترخاء ... وعلى سهر الليالي ...
ما الذي يعنيه هذا سوى أن هذا الشهر تجديد للعقد المقدس بين الله والإنسان ... وشحن لإرادته ... واشعال الفتيل في طاقاته الروحية للمضيّ إلى فوق ...
من أجل ذلك يقول جل في علاه في حديث قدسي ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا الذي أجزي به ... ) ...
يا الله ... ما أروعها من عبارة تهزّ الضمائر والقلوب ... وتغري بالانسلاخ الكامل عن إغراءات الحياة الدنيا والتجرّد لله ... ( فانه لي وأنا الذي أجزي به ) !!
فيا أيها المسلمون في كل مكان اكسروا التقاليد الرتيبة التي جعلت من رمضان مجرد تغيير اعتيادي في روتين الأيام ... وتذكروا أنه تجديد للعقد المقدس وأن عليكم أن تستجيشوا أعمق نقطة في خلايا القلب والعقل والروح والوجدان ، من أجل أن تكونوا بحجم رمضان كما يريده الله ورسوله ... لا كما أعتاده المقلّدون ...
إنه يجيئ في كل عام مرة واحدة يحمل لكم البشرى ... بشرى التطهر من كل ما مارستموه من أخطاء ، والانطلاق من جديد ، متحرّرين ، متخفّفين ، للاقتراب أكثر فأكثر من رضا الله !!
والذكي الذكي من يعرف قيمة الفرص المتاحة أمامه لكي يهتبلها ، في إعادة
بناء سلوكه ، وسدّ الثغرات التي اخترقه بها الشيطان ، والانطلاق ثانية عبر الصراط الواصل إلى الله ...
إن هذا الدين سخيّ مع اتباعه ... والله سبحانه هو الأكثر سخاء ... عندما فتح الطريق على مصراعيه للخروج من دائرة ( الإثم ) إلى فضاء التطهر والنقاء ... ومنحهم الفرص التي
لا تعدّ ولا تحصى للعودة إليه ... جلً في علاه ...
ورمضان ، هو واحد من هذه الفرص للتحقق بالمطلوب ... فليست الخطيئة أمراً
كلياً يطوّق الإنسان من جهاته الأربع فلا يستطيع الخلاص منها ، بإرادته ، ولابّد من معاونة الآخرين ... انما هي في المنظور الإسلامي جزيئات بسيطة تنتشر كالطفح على حافات السلوك وتنتظر الجهد البشري لإزالتها ... وهو جهد ليس بالصعب ولا بالمستحيل إذا صحّ العزم وخلصت النيّات ...
ويجيء رمضان لكي يمنح المنتمين إلى هذا الدين الفرصة لإزالة الطفح واستعادة السّوية الصحية للسلوك ...
فانك بمجرد أن تشحذ إرادتك فتكف عن الطعام والشراب ، وتحفظ جوارحك من كل شائبة ، وتلاحق خطرات القلب ... تكون قد بدأت الطريق ... ومع الكف والحفظ والملاحقة ،
جهد موصول من التعبّد والتحنّث وسهر الليالي بحثاً عن المزيد من الكسب للرصيد الإيجابي المفتوح ، وتضييق الخناق على بؤر الشر والفساد والمروق ...
" فإنه لي وأنا الذي أجزي به " لأنه جلّ في علاه يعلم ما يكلفه الصوم من مشقة ، وما يتطلبه من صبر ، ليس ـ فقط ـ عن الطعام والشراب وانما عما اعتاد عليه الناس ، وأصبح جزءً أساسياً من حياتهم اليومية عبر أحاديثهم ومعاملاتهم من رياء وغيبة وتنابز ... وغيرها من عشرات الممارسات الخاطئة التي يجيئ التوقف عنها بقوة الإرادة الإيمانية بمثابة إعلان للحرب على " الخطيئة " مهما ضؤلت ودقت ... وهذا يتطلب جهداً فائقاً لن يكون جزاؤه إلا ذلك الذي يجيئ من عند الله سبحانه وما أعظمه من جزاء ...
????- زائر
مواضيع مماثلة
» ما اهم سر لنجاح صلاح الدين الأيوبي في إدارة الدولة - عماد الدين خليل
» مراجعات | مع عماد الدين خليل
» الصوفية و السلفية - عماد الدين خليل
» العبودية للتاريخ-عماد الدين خليل
» العالم ينتظر البديل - عماد الدين خليل
» مراجعات | مع عماد الدين خليل
» الصوفية و السلفية - عماد الدين خليل
» العبودية للتاريخ-عماد الدين خليل
» العالم ينتظر البديل - عماد الدين خليل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى